24 ساعة أو تزيد قليلا، كانت فيها العاصمة طرابلس على موعد مع الرصاص والقذائف والدماء وكثير من الاجتماعات.
كل ذلك بدأ مساء الاثنين على خلفية اعتقال من وسط طائرة لآمر اللواء 444 قتال العقيد محمود حمزة من قبل جهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب، الذي احتج بصدور أمر قبض ضد حمزة من المدعي العام العسكري.
انطلقت بعدها بأقل من ساعة تحشيدات عسكرية في مناطق وسط وجنوب العاصمة حيث يتمركز اللواء 444 وجهاز الردع مدعوما بجهاز الشرطة القضائية.
بــداية الاشتباكــات
وعند الساعة 7 مساء انطلقت أولى رصاصات الاشتباكات، لتبدأ الأسلحة بمختلف أنواعها بحصد أرواح شباب في مقتبل العمر، ويبدأ معها فصل جديد من فصول فوضى السلاح في ليبيا.
وفي أعقاب المواجهات بدأت عملية التهدئة تسير على عجل، فانطلقت الاجتماعات ليلا للبحث عن سبيل لإنهاء تلك المواجهات، قادها رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة الذي عاد على عجل من مصراتة، ليبدأ في جولات مكوكية ما بين حي الأندلس وقاعدة معيتيقة وسوق الجمعة.
وأسفرت تلك الاجتماعات التي استمرت لأكثر من 12 ساعة عن اتفاق بتسليم آمر اللواء 444 محمود حمزة إلى جهة أمنية محايدة، والأمر بوقف الاشتباكات.
وبناء على هذا الاتفاق، كلف الدبيبة وزير داخليته عماد الطرابلسي ورئيس الأركان العامة بطرابلس محمد الحداد، بالتدخل لفض الاشتباكات في طرابلس، ونشر عناصر أمنية من الشرطة، والعمل على استتباب الأمن، والتنسيق مع مركز طب الطوارئ والدعم.
ردود الفعل المحلية والدولية
ولم تمر اشتباكات الاثنين والثلاثاء دون ردود فعل محلية ودولية منددة بها، حيث أصدر المجلس الأعلى للدولة بياناً استنكر فيه بأشد العبارات الاشتباكات الدامية التي شهدتها العاصمة طرابلس، محذراً من تداعياتها الخطيرة على المدنيين وداعياً جميع الأطراف إلى ضبط النفس وحل الخلافات بالطرق السلمية والحوار.
أما مجلس النواب فقد أصدر بياناً استنكارياً آخر، معرباً عن إدانته وشجبه الشديدين للاشتباكات المسلحة في العاصمة، داعياً جميع الأطراف إلى وقف إطلاق النار فوراً.
وعلى الصعيد الدولي، أدانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بشدة الاشتباكات، معربة عن قلقها العميق إزاء التطورات الأمنية ومذكرة الأطراف بضرورة حماية المدنيين. كما حثت على وقف التصعيد واحترام رغبة الشعب في السلم والاستقرار.
وقال المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي: “أحث كل الأطراف على وقف تصعيد العنف واحترام مطالب الشعب من أجل السلام والاستقرار”.
وأضاف أن “الأحداث تذكرنا بضرورة التوصل لاتفاق يمهد الطريق للانتخابات وتوحيد مؤسسات الدولة”.
من جانبها، أدانت السفارة الأمريكية بشدة الاشتباكات الدامية في العاصمة طرابلس، داعية جميع الأطراف إلى ضبط النفس وتجنيب المدنيين ويلات الحرب. كما حثت على العودة الفورية إلى الحوار لحفظ الاستقرار.
كما أصدرت السفارتين البريطانية والفرنسية بياناً مماثلاً أعربتا فيه عن بالغ قلقهما إزاء تصاعد العنف، داعيتين إلى وقف فوري لإطلاق النار “من أجل الحفاظ على أرواح المدنيين والمكتسبات الليبية نحو الاستقرار”.
27 قتيلا وأكثر من 106 إصابات
وبعد أن هدأت المدافع ورجع إلى الشارع بصيص أمل لعودة صوت العقل بدأت الجهات المعنية في إحصاء أعداد القتلى والمصابين، حيث أكد مركز طب الطوارئ والدعم سقوط 27 قتيلا وإصابة 106 آخرين على الأقل في حصيلة “مبدئية” للاشتباكات.
وأصدر رئيس حكومة الوحدة الوطنية تعليماته لوزير الحكم المحلي بتشكيل لجنة لحصر الأضرار وتقديم التعويضات للمدنيين المتضررين من الاشتباكات.
كما أصدر تعليماته لرئيس شركة الخدمات العامة طرابلس بالبدء في إزالة آثار الاشتباكات وفتح الطرق المغلقة في العاصمة.