Home » بعد خسارة المشري .. هل يقود “تكالة” الأعلى للدولة لحسم الملفات الخلافية؟

بعد خسارة المشري .. هل يقود “تكالة” الأعلى للدولة لحسم الملفات الخلافية؟

بواسطة Mahmoud Alobaidi

بعد خمس سنوات متتالية من تربّعه على رئاسة المجلس الأعلى للدولة، ها هو خالد المشري يخسر الرهان أخيرا أمام منافس لم يخض هذه التجربة من قبل، حيث كانت 5 أصوات فقط كفيلة لترجيح كفة فوز محمد تكالة على منافسه المشري في جولة ثانية ضمن انتخابات مكتب رئاسة المجلس وتحصله خلالها على 67 صوتا.

تكالة، البالغ من العمر 57 عاما ينحدر من مدينة الخمس، وهو رجل أكاديمي وسياسي يحمل دكتوراه في علوم هندسة الحاسوب، وسبق له أن كان عضوا في لجنة الحوار السياسي بتونس وجنيف، ورئيسا لفريق المجلس الأعلى للدولة في إعداد خارطة طريق عام 2022.

انتخاب تكالة، خلفا للمشري، حظي بردود فعل واسعة كان من ضمنها ترحيب رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة بفوزه برئاسة المجلس، ليتبعه ترحيب المجلس الرئاسي، فيما لم يعلق مجلس النواب ولربما قرر لزوم الصمت لفقدانه حليفا مهما له.

ما الجديد بعد انتخاب تكالة؟
انتخاب تكالة ربما جاء في ظل وضع سياسي دراماتيكي تشهده ليبيا هذه الأيام، فبينما تصل الخلافات إلى أشدها بشأن صياغة قوانين الانتخابات بين الأطراف السياسية والسلطة التشريعية في البلاد ممثلة بمجلس النواب، بدأ يطفو على السطح خلاف آخر غذاه مجلس النواب يتعلق بالسلطة القضائية ينبئ بانقسام في جسم ظل متماسكا طيلة السنوات العشر الماضية، ناهيك عن تركة خلفها المشري تسببت في انقسام بين أعضاء المجلس، كان آخرها إقراره بشكل منفرد مع عقيلة صالح خارطة طريق جديدة تقضي بإنشاء حكومة جديدة.

لعل المعطيات الحالية ستثقل كاهل تكالة وتشكل تحديا كبيرا أمام قيامه بمهامه الجديدة، خاصة وأن موعد الانتخابات المقترح نهاية هذا العام لم يتبق عليه سوى أربعة أشهر ويزيد.

ويرى المحلل السياسي عبد الله الكبير جوانب أخرى لفوز تكالة، حيث أكد في تصريحات لزوايا أن خسارة المشري تعني خسارة تحالف واسع يجمعه مع عقيلة صالح وأطراف أخرى وتراجع فرص تمرير خارطة الطريق لإزاحة الدبيبة وحكومته.

وشاطره في هذا الرأي أيضا المهتم بالشأن السياسي الليبي صلاح البكوش، حيت قال لـ”زوايا” إن خسارة المشري ستضعف من تحركات رئيس مجلس النواب عقيلة صالح المناهضة لأعمال المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي عبر “استخدامه للمشري والترويج لأسطورة أن اتفاقه معه هو توافق ليبي-ليبي” بحسب قوله.

ورأى البكوش أن تكالة “ليس شخصية أيديولوجية، ولا يملك قاعدة شعبية صلبة داخل المجلس” وقال “أزعم أن غالبية الأصوات التي تحصل عليها كانت أصواتا ضد المشري وليست بالضرورة مع تكالة شخصيا”.

خسارة طبيعية
عضو المجلس الأعلى للدولة سعاد ارتيمة رأت أن خسارة خالد المشري كانت نتيجة طبيعية، تعكس تجاوزاته وأخطائه الكثيرة في الفترة الأخيرة، وتفرده ببعض القرارات التي مررها من خلال تحايله على النظام الداخلي للمجلس، علاوة على أنه أخذ حقه وزيادة في 5 ولايات متتالية حسب وصفها.

ورجحت ارتيمة في تصريح لـ”زوايا” أن تكون لتكالة بصمة جيدة في الرئاسة كونه “رجل أكاديمي وسياسي”، محذرة في الوقت ذاته مكتب الرئاسة الجديد ككل بعدم الانفراد باتخاذ أي قرارات دون الرجوع للأعضاء.

تكالة: سندعم المصالحة الوطنية
وفي أول كلمة له إثر انتخابه رئيسا للمجلس الأعلى للدولة، حث محمد تكالة أعضاء المجلس على العمل على لمّ الشمل ووحدة الصف، داعيا كافة مؤسسات الدولة للعمل معا على خلق بيئة صالحة للبناء.

ولم يتطرق تكالة في كلمته الأولى لتفاصيل الخلافات السياسية، ومن أهمها الاتفاق الموقع بين رئيسي مجلسي النواب والدولة بشأن إنشاء حكومة جديدة أو الخلاف الواقع حول مخرجات لجنة 6+6، لكنه في الوقت ذاته أكد أن المجلس سيبذل كافة جهده للتجهيز للانتخابات في الفترة القريبة القادمة، وسيعمل على إنجاح مشروع المصالحة الوطنية.

مصير التقارب بين مجلسي الدولة والنواب
وتوقع عضو مجلس النواب عبد المنعم العرفي أن انتخاب تكالة رئيسا قد يتسبب في توقف التقارب بين مجلسي النواب والدولة وربما يزيد من حدة الانقسام، معللا ذلك بموقف تكالة الرافض للتعديل الدستوري الثالث عشر.

وأوضح العرفي، في حديثه لـ”زوايا” أن موقف مجلس النواب لن يعتمد على الأحكام المسبقة وإنما سينتظر تصريحات تكالة بعد رئاسته للمجلس، متأملا أن تصب في تعزيز التوافق بين المجلسين والمضي قدما في دعم لجنة 6+6.

وفي هذا الصدد، رأي المحلل السياسي عبد الله الكبير أن قرارات ومواقف تكالة كرئيسا للمجلس ستكون مختلفة عنها كعضو، مبينا أن قراراته كرئيس تعبر عن المجلس ككل، مستبعدا أن يفرض مواقفه وخياراته على المجلس.

وفيما يتعلق بالتعديل الدستوري الثالث عشر، قال الكبير إن تكالة لن يستطيع إيقافه إلا إذا حكمت الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا ببطلانه.

قوانين لجنة 6+6
وفي ذات الصدد، قالت سعاد ارتيمة إن لجنة 6+6 أنشئت كنتيجة للتعديل الدستوري الثالث عشر الذي رفضه أعضاء من المجلس -بينهم تكالة-، داعية الأخير إلى التعامل مع هذا الملف بحذر شديد، والعمل على إيجاد حلول بديلة يرضاها الليبيون ويرضخ لها المجتمع الدولي.

وقال المحلل السياسي صلاح البكوش إن اعتراض أعضاء في مجلسي النواب والدولة على مخرجات 6+6، بالإضافة إلى استبعاد المشري من مجلس الدولة من شأنها عمليا أن تعزز موقف باتيلي الساعي لإجراء تعديلات في مخرجات لجنة 6+6 والوصول إلى صورة نهائية للقوانين.

ووافق ذلك الكبير إذ قال إن الفرصة الآن مواتية ليتسلم باتيلي زمام المبادرة ويفعّل رؤيته.

إحياء مسودة الدستور
من جانبه، أعرب عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور سالم كشلاف في حديثه لـ”زوايا” عن تفاؤله بتغيّر رئاسة المجلس قائلا “نرجو من الرئيس الجديد تصحيح إجراءات المجلس المخالفة السابقة إبان رئاسة خالد المشري والتي حالت دون تهيئة الأجواء لإجراء عملية الاستفتاء على مشروع الدستور، وتبني التعديلين الدستوريين الثاني عشر والثالث عشر.

كما أعرب كشلاف عن أمله في حدوث تقارب بين مجلس الدولة وهيئة الدستور لإنجاز الاستحقاقات الدستورية والانتخابية وإنهاء حالة الانسداد السياسي الراهنة.

وفي ظل التجاذبات السياسية المحلية والدولية حول الملف الليبي الذي عجز إلى حد الآن تسعة مبعوثين أممين آخرهم عبدالله باتيلي عن حلحلته، وأمام أزمة الانقسام الداخلي في البلاد، سيواجه رئيس المجلس الأعلى للدولة الاستشاري الجديد محمد تكالة عقبات لن يتمكن من تجاوزها ما لم يملك الإرادة والأدوات اللازمة التي ستمكنه من إزالة الضبابية والتشويش الحاصل على المشهد الليبي، وستكون حظوظه في الوصول إلى توافق مع مجلس النواب وغيره من الأجسام السياسية مرهونة بقدرته على إحداث هذا التوافق داخل المجلس الذي سيرأسه.

Related Articles