تكتسب الانتخابات الدورية لمكتب الرئاسة للمجلس الأعلى للدولة، والمقرر إجراؤها غداً (الأحد)، أهمية متزايدة، ليس بسبب ما ستشهده من منافسة متوقعة على المنصب، الذي احتفظ به خالد المشري لـ5 أعوام، وإنما لكونها تأتي إثر انقسام واضح بالمجلس، بين مؤيد لقرارات المشري ومعارض شرس له.
وفي هذا السياق، حرص بعض السياسيين على تسليط الضوء على هوية الشخصيات التي تعتزم منافسة المشري في محاولة لاستكشاف مواقفها. وهل سيبقون على ذات التحالفات، التي عقدها مع مجلس النواب ورئيسه عقيلة صالح، أم أن تلك التحالفات قد تتغير، ليتبدل معها شكل المشهد السياسي بالبلاد برمته
بداية، دعت عضو المجلس الأعلى للدولة، نعيمة الحامي، أولاً إلى ضرورة التفريق بين التفاهمات الشخصية التي تمت بين المشري وصالح، وبين التوافقات السياسية التي تمت بين مجلسيهما. وقالت الحامي، التي أعلنت أنها ستخوض معركة المنافسة على رئاسة المجلس، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن المشري «قطع شوطاً كبيراً في التقارب مع البرلمان؛ والمهم هو التأكد على أن هذا لم يكن بدافع تحقيق مصالح شخصية؛ وأي تفاهمات شخصية لن يتم الاعتداد بها حال فوزنا».
وتوقعت الحامي أن «تظل التوافقات السياسية بين المجلسين كما هي دون إلغاء، أياً كان الفائز برئاسة (الأعلى للدولة)»، لكنها قالت: «في الغالب ستخضع للمراجعة لمعرفة مدى ملاءمتها للمرحلة الراهنة، وإذا ما كانت تتطلب تعديلاً».
ورأت الحامي أنه «لو تم الالتفات لموقف الكتلة الرافضة للتعديل الدستوري – والتي تنتمي إليها – بتعديل بعض النقاط الجوهرية به، وبالتبعية بما أفرزته لجنة (6+6) من قوانين، لما شهد مجلس الدولة هذا الانقسام»، مشيرة إلى أن بعض النقاط التي اعترضت عليها الكتلة «تم إثارتها، والاعتراض عليها من قبل البعثة الأممية ومفوضية الانتخابات، وقوى حزبية ومدنية».
وانتهت الحامي بالتأكيد على أن البت بقرار المضي قدماً مع مجلس النواب بتشكيل حكومة جديدة «سيتم التمهل به أيضاً لحين إقرار القوانين بشكل نهائي، خصوصاً أن هذا ما تنص عليه خريطة الطريق التي أقرت من المجلسين».
وبالمقابل، رأى عضو المجلس الأعلى للدولة، سعد بن شرادة، أن «التوافقات التي تمت مع مجلس النواب هي سياسية، لا ترتهن على تغيير رئاسة أي من المجلسين».
ورغم إقراره بوجود بعض التخوف من فوز شخصية تنتمي للكتلة الرافضة للتعديل الـ(13) للإعلان الدستوري، أكد بن شرادة لـ«الشرق الأوسط» أن التوافق بين المجلسين «بات ضرورياً للتمكن من اضطلاعهما بالدور الرئيسي في الإعداد للعملية الانتخابية»، ورأى أن «أي إخلال سيحدث بهذا المسار قد يهدد بتجاوز هذا الدور، فضلاً على إمكانية توظيف أي خلاف من قبل الجهات الرافضة والساعية لعرقلة الانتخابات».
وفي سياق ذلك، يرى بعض المراقبين أن عدم فوز المشري «سيضعف موقف صالح ومجلسه، وسيعزز بالمقابل من فرص عبد الله باتيلي، المبعوث الأممي لإطلاق مسار تفاوضي موسع، يضم أطرافاً عديدة في الساحة لضمان قبول الجميع بالعملية الانتخابية ونتائجها».
وترجح مصادر من داخل الأعلى للدولة ترشح النائب الثاني لرئيس المجلس، ناجي مختار، لموقع الرئاسة، وكذلك العضو محمد تكالة
أما المحلل السياسي الليبي، أحمد المهدوي، فيصف التحالف الراهن بين المجلسين بـ«المصطنع»، وقال إنه «لا يهدف إلا لتمديد بقائهما وليس إجراء الانتخابات، ما يقلل من أثر انتخاب شخصية جديدة لرئاسة الأعلى للدولة».
ويرى المهدوي لـ«الشرق الأوسط» أنه إذا انتخبت شخصية أخرى معارضة لنهج المشري «فقد تنسف» بالفعل التوافقات التي أبرمت بين المجلسين مؤخراً، وبالتالي ستنسحب التداعيات على المشهد السياسي برمته، «وهذا مرجح جداً، خصوصاً مع تململ البعض من بقاء المشري برئاسة المجلس منذ عام 2018».
وكشفت مصادر مقربة من مجلس الدولة لصحيفة “العربي الجديد” أن هناك تراجعًا كبيرًا في فرص المشري للفوز بولاية سادسة كرئيس للمجلس، وأن هناك اتجاهًا عامًا لتأييد غالبية أعضاء المجلس لتكالة في منصب الرئاسة.