اختتم المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي مشاورات المادة الرابعة مع ليبيا بعد توقف دام عقدًا من الزمن.
وكانت الأحداث التي تلت سقوط نظام القذافي في عام 2011، أدت إلى توقف إنتاج المؤشرات الاقتصادية الرئيسية وتعقيد عملية صنع السياسات، مما أدى إلى صعوبات في إجراء مشاورات المادة الرابعة.
تقدم يستحق الثناء
وحسب تقرير لصندوق النقد الدولي، أحرزت السلطات الليبية مؤخرًا تقدمًا “يستحق الثناء” نحو تحسين تبادل البيانات وجمعها والشفافية.
وساهمت المرونة التي أتاحتها استراتيجية صندوق النقد الدولي الجديدة لـ”الدول الهشة والمتأثرة بالصراعات”، في تمهيد ذلك الطريق لاستئناف مشاورات المادة الرابعة، حسب تقرير الصندوق الدولي.
وأوضح الصندوق في تقريره أن مصرف ليبيا المركزي تمكن من الاحتفاظ بمخزون كبير من الاحتياطيات الدولية، مدعومًا بمزيج من سعر الصرف الثابت ، وضوابط رأس المال، والعديد من الترتيبات المؤقتة الأخرى .
وأشار التقرير إلى انكماش الاقتصاد بشكل حاد في عام 2020 بسبب الحصار النفطي وانخفاض أسعار النفط، مما أدى إلى تضخم العجز الخارجي والمالي، وتراجع احتياطيات النقد الأجنبي.
توقعات بنمو إنتاج الكربوهيدرات
وأوضح أنه في الآونة الأخيرة، أدى انتعاش أسعار النفط واستئناف إنتاجه إلى حدوث فوائض في الميزانية والحساب الجاري في كل من 2021 و 2022. وتراجع معدل التضخم نسبيًا على الرغم من الانخفاض الكبير في قيمة الدينار في عام 2021 وارتفاع أسعار السلع العالمية، حيث ارتفعت من 2.9 في المائة في عام 2021 إلى 4.5 في المائة في عام 2022.
وألمح تقرير صندوق النقد الدولي إلى أن ثروات ليبيا الاقتصادية ستتوقف على إنتاج النفط والغاز في المستقبل المنظور، متوقعا أن ينمو إنتاج الهيدروكربونات بحوالي 15 في المائة في عام 2023 بعد زيادة إنتاج النفط من مليون برميل يوميًا في عام 2022 إلى حوالي 1.2 مليون برميل يوميًا في عام 2023 وزيادة تدريجية بعد ذلك.
وحول تقييم المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، ذكر التقرير أن المديرون التنفيذيون وافقوا على فحوى تقييم الموظفين، ورحبوا باستئناف مشاورات المادة الرابعة مع ليبيا بعد توقف دام 10 سنوات بسبب الاضطرابات السياسية.
أهمية دعم التنويع الاقتصادي
وأثنى المديرون التنفيذيون بالصندوق على جهود السلطات الليبية لإعادة الانخراط مع الصندوق على الرغم من التحديات السياسية العالقة. حاثين السلطات على تكثيف الجهود لحل النزاعات والتصدي للتحديات الاقتصادية الكبيرة.
واتفق المديرون على الحاجة إلى تنمية القدرات بشكل كبير لتحديث الأطر المالية وسياسات القطاع النقدي والمالي، وتعزيز توفير البيانات، ودعم التنويع الاقتصادي في ليبيا.
ولاحظ المديرون، حسب تقرير الصندوق الدولي، أن ليبيا تعتمد بشكل كبير على إنتاج النفط والغاز، وبالتالي فهي عرضة لتقلبات كبيرة ومخاطر سلبية من التحول الأخضر العالمي.
وأشاروا إلى أن التحدي الرئيسي على المدى المتوسط هو التنويع بعيدًا عن الهيدروكربونات وتعزيز نمو أقوى وأكثر شمولاً بقيادة القطاع الخاص. مشجعين السلطات على تعزيز الشفافية وتقوية المؤسسات ومعالجة مخاوف الفساد والحوكمة لدعم هذه الجهود.
ميزانية شفافة لاستقرار الاقتصاد
ودعا المديرون التنفيذيون بالصندوق الليبيون إلى تحديد ميزانية متفق عليها وشفافة لدعم مصداقية السياسات واستقرار الاقتصاد الكلي والمساعدة في الحفاظ على الازدهار بين الأجيال.
وأشاروا إلى أهمية تحسين إدارة المالية العامة، وتجنب الإنفاق المساير للدورات الاقتصادية، وتنويع القاعدة الضريبية، والإصلاح التدريجي لدعم الطاقة غير المستهدف لإفساح المجال للإنفاق الاجتماعي الإضافي وتطوير البنية التحتية، وتعزيز إدارة الشركات المملوكة للدولة، وبناء إطار متوسط الأجل.
كما لاحظ المديرون أن إعادة توحيد البنك المركزي أمر بالغ الأهمية لتعزيز السياسة النقدية، ودعم الاستقرار المالي، وتعزيز تنمية القطاع الخاص، حسب التقرير.
وأثنى المديرون على البنك المركزي لإدخاله أنظمة واسعة النطاق تهدف إلى تحديث القطاع المالي، مع الإشارة إلى التحديات المرتبطة بالقدرات المحدودة. مشجعين السلطات على مواصلة تعزيز إطار مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ومراقبة رسملة البنوك عن كثب، وإعادة فتح سجل الممتلكات لتمكين البنوك من التخفيف من مخاطر الائتمان وتقييم الجدارة الائتمانية للمقترض، وتصفية ممتلكات مصرف ليبيا المركزي في البنوك التجارية على مدى أكثر من المدى الأطول للسماح لهم بالعمل بشكل مستقل.
* تطوير منتجات التمويل الإسلامي*
ونظرًا للحظر الحالي على الفائدة، اتفق أعضاء مجلس الإدارة على أن مواصلة تطوير منتجات التمويل الإسلامي، وكذلك الأدوات المتوافقة مع التمويل الإسلامي للمساعدة في إدارة سيولة النظام ودعم السياسة النقدية، من شأنه أن يساعد في تعبئة الائتمان للقطاع الخاص.
وأصى صندوق النقد الدولي، في تقريره، بعقد مشاورات المادة الرابعة التالية مع ليبيا على أساس الدورة القياسية التي تبلغ مدتها 12 شهرًا.
يشار إلى أنه بموجب المادة الرابعة من اتفاقية صندوق النقد الدولي، يعقد صندوق النقد الدولي مناقشات ثنائية مع الأعضاء، عادة كل عام. حيث يزور فريق من الموظفين البلاد، ويجمع المعلومات الاقتصادية والمالية، ويناقش مع المسؤولين التطورات والسياسات الاقتصادية للبلاد قبل عودته إلى المقر الرئيس للصندوق، ويقدم تقريره ويناقشه مع المجلس التنفيذي.
وفي ختام المناقشة، يلخص المدير العام، بصفته رئيس مجلس الإدارة، آراء المديرين التنفيذيين، ويتم إرسال هذا الملخص إلى سلطات الدولة.