في جو من البهجة والحيوية، تستعد المدينة القديمة بطرابلس لاستقبال زائريها كل ليلة من ليالي شهر رمضان المبارك، خلال فعاليات ليالي المدينة، التي كان من شأنها إعادة الحياة إلى زقاقات المدينة القديمة وشوارعها الضيقة بأجواء ساحرة يمتزج فيها التراث الليبي العريق بروح العبادة والتفاني في أعمال الخير.
تتميز ليالي رمضان في المدينة القديمة بفعاليات تعكس تنوع الثقافة الليبية وتاريخها العريق. محمد النعاس مدير منظمة المدينة القديمة طرابلس والمتحدث الرسمي باسم فعاليات ليالي المدينة تحدث لزوايا عن أبرز النشاطات التي تبدأ مساء كل يوم، فكان أهمها الجانب الدعوي الذي يعطي للشهر الكريم خصوصيته، وفيه تملأ الدروس الرمضانية مساجد المدينة، علاوة على حلق الذكر، وتنظيم مسابقة لحفظ وترتيل القرآن الكريم.
إلى جانب ذلك، يضيف النعاس أن من الفعاليات إقامة الندوات الثقافية والرياضية والاقتصادية وغيرها، يشارك فيها مختصون وخبراء. إضافة إلى عودة السوق الشعبي بالمدينة القديمة إلى الحياة، الذي تزينت شوارعه بالزينة والأضواء المتألقة، وشهد توافد المواطنين والزوار الباحثين عن التسوق وتذوق الأطعمة والحلويات الرمضانية الشهية. كما يستعرض فيه الحرفيون والباعة أعمالهم اليدوية المميزة التي تشتهر بها منطقة طرابلس.
تتيح فعاليات المهرجان أيضا – بحسب النعاس – المساحة لجميع مدن ليبيا للتعريف بثقافاتها، خلال يومي الأحد والأربعاء من كل أسبوع، في فعالية يوم المدن، حيث استضافت عددا من مدن الجنوب، ومدينة غدامس، وأيضا الجبل الأخضر ومدن الشرق بصفة عامة، يطرح مندوبو تلك المدن لمحة عن مدينتهم ويعقدون ندوة عن تاريخ وثقافة المدينة.
يضيف النعاس أن للأطفال أيضا ركنا في هذه الفعاليات، يتمثل في المسرح الذي يقدم عروضا ترفيهية وفنية معنية بالأطفال، وغير ذلك من المسابقات والألعاب التنشيطية التي تشجع المشاركة والتفاعل بين الحضور.
خلال سيرك في أزقة المدينة القديمة، سيمر إلى جانبك جمع يرتدون لباسا عتيقا، يمثل زيّ حقب مرت على ليبيا، كلباس زي الحقبة الرومانية، والحقبة الإنكشارية، وغيرها، وعند وصولك تحديدا لميدان السيدة مريم الذي افتتح حديثا بعد الصيانة والتجديد، يطل ممثلون عبر شرفة صغيرة للعب دور تمثيلي عن الشخصيات التاريخية في ليبيا ليرووا تاريخ الشخصية وأبرز ما قدمت لليبيا.
تبدو المدينة القديمة بطرابلس بفضل هذه الفعاليات وكأنها أعادت للحياة تاريخها وثقافتها الخالدة عبر الأجيال، في جو يتسم بالتآلف والمحبة، يجتمع فيه الماضي بالحاضر، وتشهد فيه مظاهر غابت عن تلك الأزقة سنوات عديدة.
محمد النعاس أكد لزوايا أن عدد الزائرين كان فوق المتوقع وشهدت الفعاليات إقبالا كبيرا يعكس ذلك ازدحام كافة شوارع المدينة القديمة. مضيفا أن سكان المدينة كانوا متعاونين جدا مع اللجان المنظمة للمهرجان، ولم يتوانوا في تقديم يد المساعدة.
تختتم فعالي ليالي المدينة -بحسب النعاس- الأحد القادم الموافق الخامس والعشرين من شهر رمضان، حيث سيقام حفل ختامي بقوس ماركوس، يتم فيه السحب على السيارات وتكريم الفائزين بمسابقة القرآن الكريم.