أعلنت الأمم المتحدة فجر السبت اختيار الدبلوماسي السنغالي “عبد الله باثيلي” ممثلًا خاصًا للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا ورئيسًا لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
وقال الأمين العام “أنتونيو غوتيريش”: “إن الحاجة ملحة لجميع الأطراف للعمل مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الجديد لوضع خارطة طريق واضحة المعالم لإجراء الانتخابات، باعتبارها الحل الوحيد للاستقرار في ليبيا”.
وجاء تعيين السنغالي “عبد الله باثيلي” بعد 9 أشهر من شغور المنصب، عقب استقالة المبعوث السابق “يان كوبيتش”، حيث يعتبر “باثيلي” أول أفريقي يعين مبعوثًا أمميًا إلى ليبيا، والثامن منذ اندلاع ثورة فبراير عام 2011.
من هو عبد الله باثيلي؟
عبد الله باثيلي، سياسي سنغالي وُلد في العام 1947ميلادية، وحصل على درجة الدكتوراة من جامعة برمنغهام بإنجلترا، وكذلك درجة الدكتوراة من جامعة الشيخ أنتا ديوب بالسنغال، وله مؤلفات في السياسة والتاريخ، يتقن اللغات الإنجليزية والفرنسية بجانب لغتي السوننكية والولوفية وهي لغات يتحدث بها السنغاليون وبعض من الدول الإفريقية.
ترشح “عبد الله باثيلي” لرئاسة السنغال عامي 1993 و2007. وعين وزيرًا للبيئة وأيضا وزيرًا للطاقة والهيدروليكا، وشغل منصب نائب الرئيس السنغالي، كما شغل منصب وزير أول في مكتب الرئيس المسؤول عن الشؤون الإفريقية، وبحسب الموقع الإلكتروني للأمم المتحدة فإن “باثيلي شغل سابقًا منصب الممثل الخاص للأمين العام في بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (بين سنتي 2013 و2014) قبل أن تشكل وسط أفريقيا وجهته حيث شغل منصب ممثل خاص ورئيس لمكتب الأمم المتحدة الإقليمي هناك (في الفترة الممتدة بين 2014-2016) وعمل في العام 2021 خبيرً مستقلًا للمراجعة الاستراتيجية لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا”.
شغور منصب رئيس البعثة بسبب الخلاف
في 23 نوفمبر 2021 استقال المبعوث الخاص السابق للأمم المتحدة “يان كوبيش”، بعد 10 أشهر في منصبه، وفي ديسمبر عين الأمين العام نائبة “يان كوبيش”، “ستيفاني ويليامز” كمستشارة خاصة له بشأن الأوضاع في ليبيا، كبديل مؤقت للمبعوث الأممي، وهي وظيفة لا تتطلب موافقة مجلس الأمن، قبل أن تغادر منصبها في نهاية يوليو عام 2022، منذ ذلك الحين لم يتول أحد قيادة البعثة الأممية في ليبيا رغم احتدام الصراع وتوسع رقعة الخلاف.
خلال 9 أشهر انقضت بعد استقالة كوبيش، لم ينجح الأمين العام في تسمية مبعوث جديد إلى ليبيا، وعزى المحلل السياسي والمهتم بالشأن الليبي “عبد الله الكبير” ذلك -في تصريح لمنصة زوايا- إلى الخلاف القائم بين الدول الأعضاء بمجلس الأمن، خاصة روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، حيث اعترضت هذه الدول أكثر من مرة، على مقترحات أسماء قدمت لمجلس الأمن، لتولي قيادة البعثة الأممية إلى ليبيا، فإن كانت الأسماء المطروحة تتمتع بعلاقات جيدة مع روسيا يأتي الرفض الأمريكي البريطاني، كما يحضر الرفض الروسي عند ورود أسماء تحظى بدعم أمريكي.
خلال ذلك برز على الأفق ضغط أفريقي لتولي منسق البعثة الأممية إلى ليبيا “رايزيدون زينينغا” المنصب رسميًا، وكانت الصين وروسيا أبرز القوى الدولية الداعمة لتعيين مبعوث من أفريقيا في ليبيا.
وتداولت مواقع إخبارية عدة -الأشهر القليلة الماضية- سعي “غوتيريش” لطرح اسم “باثيلي” على مجلس الأمن لتعيينه مبعوثًا إلى ليبيا، وفي موقفٍ هو الأول من نوعه طالبت ليبيا بأخذ رأيها في الاعتبار عند اختيار المبعوث المقبل. حيث دعا إلى ذلك بشكل واضح ممثلها في الأمم المتحدة “طاهر السني”، من أجل تجنب الفشل في اللحظة الأخيرة بحسب وصفه.
وقال السني: “إن ليبيا ترحب بأن يكون المبعوث الخاص أفريقيًا ، لكننا سنكون أكثر انتقائية، ونبحث عن شخصية أكثر كفاءة تعرف الملف”. في إشارة إلى رفض حكومة الوحدة الوطنية بطرابلس ترشيح “عبد الله باثيلي”، حيث دعمت حكومة الوحدة بقيادة “عبد الحميد الدبيبة” ترشح الوزير الجزائري السابق “صبري بوقادوم” الذي رفضته عدة دول منها الإمارات والولايات المتحدة.
وفاق بعد الخلاق
ويؤكد المحلل السياسي “عبد الله الكبير” أنه لا يوجد خلاف في الموقف الدولي حول تعيين باثيلي مستصحبًا في ذلك عدم اعتراض أيٍّ من الدول الأعضاء بمجلس الأمن بما فيها الولايات المتحدة وروسيا.
محليًا
رحب رئيس حكومة الوحدة الوطنية “عبد الحميد الدبيبة” والمجلس الرئاسي ورئيس الحكومة المكلف من البرلمان “فتحي باشاغا” في بيانات منفصلة بتعيين “عبد الله باثيلي”، معربين عن آمالهم في نجاح مساعي الأمم المتحدة للوصول بليبيا إلى حلول سلمية والذهاب إلى انتخابات برلمانية ورئاسية في أقرب وقت ممكن.
دوليًا
وعبر وزير الخارجية الأمريكية “أنتوني بلينكن” عن دعم بلاده لباثيلي لوضع إطار دستوري لليبيا والسعي لإجراء الانتخابات، فيما أوضح الممثل الفرنسي بمجلس الأمن “نيكولا دي ريفيير” في مؤتمر صحفي، تأييد بلاده تمامًا لتعيين باثيلي، كما رحب الاتحاد الأوروبي والمبعوث الإيطالي إلى ليبيا والخارجية الألمانية أيضا باستلام باثيلي مهام بعثة دعم الأمم المتحدة في ليبيا.
عربيًا
دعت جامعة الدول العربية الأطراف الليبية إلى التعاون مع باثيلي ودعم مهمته؛ معربةً عن الثقة في مواصلة الجهود التي تضطلع بها الأمم المتحدة منذ فترة.
وأكدت الخارجية المغربية، في بيان “استعدادها التام لدعم باثيلي والتعاون معه للمساهمة الفعالة في الجهود المبذولة لتوصل الأطراف الليبية لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية كسبيل وحيد لتخطي الوضع الحالي”.
وذكرت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية في بيان، أنها “ترحب بتعيين البروفيسور عبد الله باثيلي ممثلًا خاصًا للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا ورئيسًا لبعثة الأمم المتحدة للدعم في هذا البلد الشقيق”.
مستقبل باثيلي في ليبيا.. والتحديات المتوقعة
حزمة من الملفات المعقدة وأكوام من التحديات الكبيرة تنتظر المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا، يأتي في مقدمتها الانقسام الحكومي الحاد بين حكومة الوحدة الوطنية برئاسة “عبد الحميد الدبيبة” والحكومة المكلفة من مجلس النواب برئاسة “فتحي باشاغا”، حيث شهدت طرابلس بسبب هذا الانقسام مطلع الأسبوع الماضي عودةً لشبح الاشتباكات، في معارك خلفت عشرات القتلى والجرحى..
وفي الأثناء تسعى أطراف محلية وإقليمية لولادة حكومة ثالثة تسعى للسير بالبلاد إلى انتخابات مبكرة..
علاوةً على ذلك يصعد في الأفق ملامح لخلاف جديد بين المجلس الأعلى للقضاء ورئيس مجلس النواب “عقيلة صالح”، خاصة بعد إعادة فتح الدائرة الدستورية.
وتشكل الانتخابات البرلمانية والرئاسية التحدي الأكبر لباثيلي، لا سيما بعد فشل سابقيه في إجرائها، ولحدة الخلاف حول قوانينها وقاعدتها الدستورية بين مجلسي الدولة والنواب اللذين لم ينجحا في الوصول إلى توافق كامل في فترة لا تقل عن عامين، رغم وجود توافق شعبي ودولي على ضرورة الذهاب إلى الانتخابات وفي أقرب وقت ممكن.
ويرى “عبد الله الكبير” أن للمبعوث الأممي الجديد باثيلي حظوظُا من شأنها تهيئة سبل النجاح لمسيرته كمبعوث أممي إلى ليبيا، ومن ذلك عدم وجود اعتراض من دول مجلس الأمن على تعيينه، وأيضا يرجح الكبير أن باثيلي سيحظى بدعم إفريقي واسع لكونه من إحدى دول القارة وأيضا لمناصرته للقضايا الإفريقية وخاصة الإنسانية منها.