تشهد العلاقات الليبية المصرية تطورا جديدا ومتسارعا، في ظل مساعي حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة لتصحيح أوضاع الدولة الليبية داخليا وخارجيا، وإعادة العلاقات مع الدول الجارة والصديقة لسابق عهدها، لاسيما وأن العلاقة بين القاهرة وطرابلس شهدت توترا في عهد الحكومة السابقة.
الدبيبة يفتتح زياراته بالقاهرة
وتعد أولى الخطوات لاسترداد العلاقات الليبية المصرية المتميزة، الزيارة التي عقدها رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة إلى القاهرة، فبراير الماضي، والتي تعد أول زيارة خارجية له بعد استلامه مهامه كرئيس للحكومة، ما أعطى دلالات واضحة حول الأهمية التي توليها السلطات الليبية لتوطيد الصلة بجارتها المصرية.
ونجحت هذه الزيارة في إذابة الجليد بين البلدين الشقيقين، خاصة بعد اسقبال الرئيس المصري بد الفتاح السيسي للدبيبة، وتأكيده له على الدعم المصري الكامل لحكومة الوحدة الوطنية في تنفيذ خارطة طريق ملتقى الحوار السياسي، ومساعيها لتوحيد البلاد، وفرض الأمن، وإعادة ليبيا إلى الواجهة الدولية من جديد.
اتفاقيات عديدة وزيارة هي الأولى منذ سنوات
وبرزت نتائج زيارة الدبيبة إلى القاهرة سريعا، ففي 24 أبريل الماضي وصل العاصمة الليبية طرابلس وفد وزاري مصري موسع على رأسه رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، بعد غياب لمثل هكذا تمثيل مصري في ليبيا منذ سنوات.
وخلال الزيارة، وقعت ليبيا ومصر على 11 مذكرة تعاون في مجالات مختلفة شملت معظم القطاعات، في سابقة من نوعها، ونتائج لم يكن متوقعا أن تكون بهذا الحجم.
شحنات الأكسجين تصل تباعا من القاهرة
سرعان ما ترجمت هذه المذكرات والاتفاقيات على الأرض الواقع سريعا، فقد أعلنت وزارة الصحة بحكومة الوحدة الوطنية في عدة مناسبات وصول شحنات غاز الأكسجين المسال قادمة من الجمهورية المصرية؛ تنفيذا للاتفاقيات المبرمة بين البلدين في المجالات الطبية، ومكافحة جائحة كورونا، لتعلن القاهرة بذلك فتح صفحة جديدة من العلاقات الليبية المصرية.
اللجنة المشتركة تجتمع بعد انقطاع لـ 12 عاما
وصل، الثلاثاء الماضي، وفد موسع من حكومة الوحدة الوطنية الليبية إلى القاهرة؛ تمهيدا لعقد اجتماعات اللجنة العليا الليبية المصرية المشتركة، والتي لم تعقد اجتماعاتها منذ 12 عاما؛ نتيجة الركود الذي شهدته علاقات البلدين.
وقبيل الاجتماع بدأت اللجان الفرعية من الجانبين مباحثاتها؛ للنظر في الاتفاقيات السابقة، وإمكانية تفعيلها، إلى جانب توقيع أخرى جديدة، وسبل تطوير التعاون بما يخدم مصلحة الطرفين.
وشهدت العاصمة المصرية، أمس الخميس، تتويجا للمجهودات المشتركة بتفعيل اجتماع اللجنة العليا الليبية المصرية، وتوقيع مجموعة كبيرة من مذكرات التفاهم، إلى جانب المذكرات السابقة.
وتطرقت مذكرات التفاهم لمجالات: الصناعة، الاقتصاد، التجارة، الطيران المدني، التعليم، التدريب، الإعلام والإنتاج التلفزيوني، وغيرها من المجالات الأخرى.
“نولي أولوية قصوى لعودة الاستقرار إلى ليبيا”
بهذه الكلمات افتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اللقاء الثاني له مع رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة، في قصر الاتحادية، على هامش اجتماعات اللجنة العليا المشتركة.
وعبر السيسي عن موقف مصر تجاه احترام السيادة الليبية، والحفاظ على وحدة أراضيها، ورفض التدخلات الخارجية، إلى جانب دعم توحيد الجيش الليبي، وتعزيز تماسك المؤسسات الوطنية الليبية.
وأبدى الرئيس المصري استعداد بلاده لتقديم كل الإمكانيات المتاح لمساعدة الليبيين على تهيئة المناخ المطلوب لتنفيذ الاستحقاق الانتخابي، وإنفاذا لإرادة الشعب الليبي، حسب تعبيره.
من جانبه أعرب رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة عن تطلعه لدعم الاستثمارات المصرية، لتنفيذ المشروعات المختلفة على الأراضي الليبية.
وأشاد الدبيبة بالدور المصري فيما يتعلق بدعم المؤسسات الوطنية الليبية، ونقل الخبرات المصرية في مجالات إعادة الإعمار والتنمية لليبيا.
مصر تتبنى سياسات جديدة تجاه ليبيا
ويرى الكاتب السياسي المصري علاء فاروق أن حفاوة الاستقبال الذي حظي به الدبيبة في القاهرة تؤكد أن مصر تدعم السلطات الشرعية في ليبيا، وهو ما يصب في مصلحة أمنها القومي الآن، حسب قوله.
وتظل المكاسب التي تحققها الحكومة الليبية بقيادة عبد الحميد الدبيبة بريق أمل نحو تحقيق تسوية سياسية وسلمية شاملة في البلاد، تنهي الصراع، وتبسط حالة من الأمن غابت عن الليبيين لعقد من الزمان.