Home » انتخابات 24 ديسمبر.. بين آمال المواطن وعرقلة المسؤول

انتخابات 24 ديسمبر.. بين آمال المواطن وعرقلة المسؤول

بواسطة editor

سؤال بات يطرحه المواطن في الشارع الليبي بكل قلق، لا سيما مع الانسداد التام على كل الأصعدة، وحالة الاختلاف الحاد، والتمترس خلف المصالح الشخصية لكل الأطراف المعنيين بالأزمة الليبية التي دخلت عقدها الثاني.

بداية الحل السياسي

ففي سبتمبر من العام الماضي أعلنت ستيفاني وليامز مبعوثة الأمم المتحدة إلى ليبيا بالإنابة انطلاق جلسات ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي يجمع أطياف الليبيين في 75 شخصا؛ بهدف إيجاد حل شامل للأزمة الليبية.

مبادرة جاءت بعد نجاح الأطراف الدولية والمحلية في تحقيق اتفاق وقف إطلاق النار في كامل الأراضي الليبية، إثر حرب شهدتها البلاد لأكثر من عام زادت من حدة الانقسام بين الشرق والغرب الليبي، فضلا عن الانقسام المؤسساتي.

المبادرة التي قادتها وليامز هدفت إلى تحقيق تمثيل شامل لمكونات وأطياف الليبيين، ليتمكن الملتقى من خلال هذا التنوع من الوصول إلى اتفاق موحد يسفر عن سلطة متفق عليها، متمثلة في مجلس رئاسي وحكومة وحدة وطنية.

ورغم الصعوبات والعوائق التي شهدتها جلسات الحوار في تونس وجنيف، إلا أن الدبلوماسية الأمريكية تمكنت من حلحلتها، والدفع بأعضاء الملتقى قدما نحو تشكيل سلطة جديدة موحدة يبدأ معها عهد جديد في البلاد التي أنهكها الانقسام.

مولد السلطة الجديدة

وبعد شد وجذب، وحوارات مطولة، وساعات من المفاوضات، توصل ملتقى الحوار الليبي، في  5 فبراير الماضي، من انتخاب السلطة الجديدة، وعلى رأسها محمد المنفي رئيسا للمجلس الرئاسي، وعبد الحميد الدبيبة رئيسا لحكومة الوحدة الوطنية، على أن تقود هذه السلطة البلاد لمدة 10 أشهر فقط وصولا إلى الاستحقاق الانتخابي في 24 ديسمبر المقبل، الذي سينهي المراحل الانتقالية بعد عقد كامل.

إرادة التغيير أمام المعرقلين

لم يكن مولد سلطة جديدة موحدة، واختفاء الأجسام التي طال بقاؤها في المشهد أمرا يسيرا، إلا أنه تحقق بالفعل، واشتعلت معه إرادة الليبيين في التغيير، وارتفعت آمالهم في الانتخابات القادمة، غير أن حواجز كثيرة وقفت حائط صد أمام سير العملية السياسية نحو الغاية المنشودة.

ابتزازات برلمانية

ما إن بدأ عبد الحميد الدبيبة العمل لتشكيل حكومته، وتقديم تشكيلته الوزارية أمام البرلمان الليبي لنيل الثقة، وبدء العمل على الأرض، حتى فوجئ بابتزاز النواب المتواصل، فمن مقاعد وزارية لكل الأطراف، إلى وكلاء معينين من قبل أعضاء النواب؛ لضمان تمرير الحكومة، في مشهد أثار استياء الليبيين من الجسم التشريعي الذي لم يكن معول بناء طيلة سنوات وجده، بقدر ما كان معول هدم.

ولم يكتف أعضاء النواب بهذا القدر، فقد شرعوا في جولة ابتزاز جديدة مع تقديم مقترح مشروع الميزانية للعام 2021م من قبل الحكومة، فمع انبثاق حكومة ترضية أكثر من كونها حكومة كفاءة؛ نتيجة أطماع أعضاء البرلمان، إلا أن الجشع يتمدد، ومطالباتهم بحر لا ساحل له..

ومع بقاء أقل من 5 أشهر من عمر الحكومة، إلا أن الميزانية لم يتم اعتمادها حتى الآن؛ نتيجة الطلبات اللامتناهية، تحت ذريعة الملاحظات الفنية التي ظلت غطاء لعدة أشهر، إلا أنه رُفع سريعا، بعد تصريح عقيلة صالح رئيس البرلمان بأنه لا ميزانية قبل تخصيص بند فيها لقوات خليفة حفتر، في تصرفات قد تعيد البلاد إلى المربع الأول.

بين مجلسي النواب والأعلى للدولة.. استحقاقات متعطلة

الاتفاق السياسي الليبي الموقع في الصخيرات المغربية عام 2015م أناط بمجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة عددا من الاستحقاقات التي يجب إنجازها بالتفاهم بين الجانبين، على رأسها الأساس الدستوري والقوانين الانتخابية، والمناصب السيادية السبعة، وهو ما جعل الشارع الليبي يلتفت إلى هذين الجسمين، لا سيما مع تدويرالعجلة السياسية، وبدء الإصلاحات.

تعنت مستمر وعرقلة متعمدة

وكأن شيئا لا يمكنه دفع الجسمين الأبرز في البلاد للتحرك، ومحاولة التماهي مع الواقع الجديد، والحوار السياسي الذي تمكن من إنجاز أمور ليست بالهينة، وأسند بقية الاستحقاقات المهمة لهما، فحوارات بوزنيقة التي أجريت لتوحيد المناصب السيادية عُطلت، كما أن كل طرف يتهم الآخر بأنه من لم يلتزم بمخرجاتها التي لم يطلع عليها الليبيون حتى الآن.

أساس دستوري غائب

كما أن الأساس الدستوري الذي ستجرى عليه الانتخابات البرلمانية والرئاسية في ديسمبر المقبل ما يزال غائبا، في ظل الجدل الكبير بشأن القاعدة الدستورية وبنودها، وشروط المترشح إلى الرئاسة، مع عمل البرلمان منفردا في صياغة القوانين الانتخابية بعيدا عن شريكه مجلس الدولة الذي توعد باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، واعتبار أي نتائج له بطالة.

التأخر المتواصل، والذي حذرت المفوضية العليا للانتخابات من أنه سيؤدي إلى تأجيل الانتخابات، وتأخيرها عن موعدها المحدد، وهو ما يراه مراقبون قد يفتح الباب أمام حرب جديدة أشد من سابقاتها، ويعود بالبلاد إلى المربع الأول.

عرقلة يراها الشارع الليبي متعمدة، فالمسؤولون بعيدون عن المعاناة، في ترف وسعة من المال والأمن والرفاهية، وهو ما لا يملكون رغبة في فقدانه، فيما يرتع المواطن الليبي تحت وطأة الانقطاع الطويل للكهرباء، وانعدام السيولة المالية، وغياب الأمن، في عقد مظلم من التاريخ الليبي يأمل المواطنون أن ينتهي ولو بعد حين..

Related Articles