196
محمد طيارة / رئيس الاتحاد الدولي للصحافة والإعلام:
ثمانية أيام نسجنا فيها عباءة مطرزة من الفرح والسلام وقدمناها لعروس البحر المتوسط (طرابلس عاصمة الإعلام العربي 2022) في ختام عرسها كعربون وفاء لليبيا وشعبها.
خلية نحل من كل الدول العربية ( إعلاميون ومثقفون ومفكرون وأكاديميون وسياسيون وفنانيون ومنتجون) حلقوا بين الأرض والسماء بروح المحبة والحوار لتترسم تلك اللوحة المفعمة بالحب، هي المرة الأولى التي أحل فيها ضيفا على طرابلس المتربعة على ضفاف المتوسط.
قبل أن أتخذ قرار المشاركة كانت هناك الكثير من الهواجس عن ما يدور في ليبيا من خلال وسائل الإعلام، صراعات وحروب وعدم استقرار ومع هذا تم اتخاذ القرار والاتكال على الله.
وصلنا إلى مطار معيتيقة وبعد إجراءات بسيطة اتجهنا إلى العاصمة، الإحساس تبدل وتبددت الهواجس، حركة سير طبيعية وأجواء هادئة والناس يعيشون حياتهم الطبيعية، تلك العاصمة التي يحاول شعبها الطيب إعادة تجميل مدينتهم ولملمت جراحهم فالجميع متفق بأن الحرب دمار للحجر والبشر، وأن الحروب بين الأشقاء في بلد واحد لابد من إنهائها وتكوين وقفة حكيمة لتعزيز ثقافة الحب والسلام وإعادة الأمن والأمان.
جولات في أحيائها القديمة أضافت لنا الكثير من المعرفة حيث تعانقت الأوابد بعبق التاريخ، لقد لمسنا شموخ أهل ليبيا بمختلف شرائحهم الاجتماعية، كلنا كان مرحب بنا ومن خلال حواراتنا معهم في الأسواق والمواقع الأثرية اكتشفنا مدى إيمانهم ومحبتهم، حيث رسموا لنا لوحات من التفائل المفعم بالأمل، ومن هنا يظهر لنا كحد أدنى مدى مساحة الأمن والأمان والتي تبشر لمستقبل أفضل.
أعتقد أن كافة الوفود العربية التي حضرت الفعاليات شعرت بمدى ( رؤية دعم الاستقرار) التي يعززها وعي أهل طرابلس وإصرارهم على التكافل والتضامن، وتجسد ذلك من خلال جولاتهم المتنوعة في المدينة سواء كانت رسمية أو خاصة، هذا الشعور يأتي أيضا من خلال تعزيز دور المؤسسات ودعمها لتكون حاضنة لهذه الرؤية وخاصة في الجانب الأمني والاقتصادي وتحويل كل ليبيا إلى واحة استقرار وتنمية.
لقد كانت فعاليات اختتام فعاليات أيام طرابلس الإعلامية تظاهرة منجبة حيث شكل معرض ليبيا للإعلام انعكاسا هاما من خلال مشاركات محلية ودولية واسعة من القنوات المرئية والمسموعة وتم عرض أهم المعدات الحديثة وآخر مبتكرات الطباعة، أما في مجمع ريكسوس للمؤتمرات فكانت التظاهرات أكثر من رائعة، حضر المؤثرون فآثرو الملتقيات بمحاور عصرية ناقشو أهم التحديات التي تواجه مجتمعاتنا.
الوزير الشاب وليد اللافي قدم عدة مبادرات ورؤى للشباب ، حيث كان الهدف الأساسي للملتقى هو دعم صناع المحتوى وتعزيز قدرتهم على التغيير وصناعة الجودة وإيجاد مساحة وفرص حقيقية للشباب وبناء العلاقات وشبكهم مع رجال الأعمال لرسم صورة إبداعية جديدة.
كما شهدت الفعاليات الختامية منتدى طرابلس الدولي للاتصال الحكومي والذي جاء بمثابة نقاشات لتطوير المحتوى الهادف وتم إطلاق منصة وحاضنة لصناع المحتوى الهادف في كافة المجالات طب هندسة تاريخ .. الخ.
المنصة تهدف لدعم المبدعين وتطوير رؤيتهم والارتقاء بالمحتوى الإعلامي، أما ملتقى الاحتفاء باللغة العربية فكان مسرح حوار منجب للغتنا الأم وجاءت جائزة السرايا الحمراء التي قدمتها الحكومة الليبية للراحلة الإعلامية شيرين أو عاقلة بمثابة تكريم و تعزيز لدور الصحافة والإعلام في الوطن العربي.
ملحمة استقلال ليبيا كانت بمثابة كرنفال فرح تعانقت فيها لغة السلام مع ذكرى المناسبة، سردية تاريخية تحاكي حضارات وتاريخ تركت بصمة جميلة ، لقد كان العرض المسرحي بسرده التاريخي ولوحاته التعبيرية تعريفا بتاريخ ليبيا وثقافتها المشتركة وتجسيدا لتاريخ ليبيا وما عاشه شعبها من تحديات واستعمار وصولا إلى بشائر التحرير والاستقلال على أيد أبنائها المخلصين وعلى رأسهم الشهيد عمر المختار ، ونتمنى أن تكون هذه المناسبة منارة خير وفاتحة لعام جديد يسوده السلام والبناء لما فيه الخير للاشقاء الليبين
ليبيا بعيون متفائلة.. هو شعار الفعاليات لتحسين صورة الوضع في ليبيا إقليميا ودوليا
وهنا لابد من تقديم وافر الشكر والاحترام والتقدير لمن كان له النصيب الاكبر في انجاح هذه التظاهرة والتي لولاه ماكانت لتتالق وتنجح ، رجل وصل الليل بالنهار اشعل قناديل روحه لبلده لتنير وتعكس صورة الوضع الحقيقي لليبيا وانجاح هذه الفعالية ، انه الوجه المشرق معالي الوزير المفوض د. فوزي الغويل صاحب اجمل ابتسامة لاتفارق محياه ، نعم وبدون مواربة هي حقيقة ما لمسه الجميع من احتضان ومتابعة للوفود العربية وهم لايزالون في بلادهم وصولا لقدومهم واستقبالهم وتامين كل وسائل الراحة لهم ومرافقتهم الى كافة الفعاليات واضافة برامج خاصة وجولات لهم وتامين كل طلباتهم ، والاجمل هو الملتقى العربي المسائي الذي اقامه للضيوف في فندق الاندلس وهو لفتة شخصية احتفائية من معاليه بكل الضيوف (امسيات شعرية وغناء وطرب وعزف وتكريم وحكايات تنثر الحب في المكان) ، ومهما تكلمنا او افضنا لن نفيه حقة ، وايضا لابد لنا من الاشادة بالدكتورة سمية الوجه المشرق والتي كانت مرآة عاكسة للمراة الليبية بخلقها وادائها وسلوكها ..
ولن ننسى كل فريق المراسم الذي اتعبناه معنا والذي تحملنا وقدم لنا كل التسهيلات في كل تحركاتنا ، كما انني لابد ان اثني على مدير الاوتيل السيد خالد بوعرادة الذي شكل بمتابعته للضيوف صورة مشرقة ومشرفة ستساهم في بناء ودعم الصناعة السياحية في ليبيا ، وشكرا لكل من كان له بصمة من بعيد اوقريب في تنظيم هذه الفعالية ولكل الوفود اللذين ساهموا بانجاح الملتقى واخص بالشكر المفكر الكبير اخي الدكتور خليل الطيار الذي غزل بحضوره وجلساته فلسفة خاصة وسمها بابجدية روحه العطرة ، والزميل محمد الاسعد الدهش من تونس الذي رسم بمحياه وثغره اجمل الحوارات االمنجبةالتي شاركناه فيها ، ومن العراق تلك السيدة الماجدة الخلوقة د. اسراء التي كانت المنقذة من ضياع ضور تلك الاحتفالية، ومن الاردن الصديق زياد خضر الذي نثرعلينا عطر كلماته بمحبة ، ولن ننسى ايضا المخرج المبدع فريد شاهين الذي شكل بايمائيات روحة لوحة فرح للجميع ، اما الاعلامي الليبي الاسمر الجميل محمد فرحات فقد ابهرنا برؤاه التاريخية عن مدينة طرابلس .
لقد كانت كينونة المناسبة شريط ذاكرة لن تمحى وستظل بطيفها وعبقها قوس قزح يضيء قناديل ليبيا ، نتمنى للشقيقة ليبيا مزيدا من الاستقرار والسلام والتنمية والازدهار.