بين سبعينيات وتسعينيات القرن الماضي، زوّد نظام القذافي الجيش الجمهوري الأيرلندي المؤقت بالأسلحة والتمويل والتدريب العسكري، وشمل ذلك شحنات من مادة سيمتكس المتفجرة، التي استُخدمت في عدة تفجيرات أسفرت عن مقتل وإصابة عدد كبير.
وأكد تقرير نشر في مكتبة مجلس اللوردات البريطاني، دعوة نشطاء الحكومة البريطانية إلى استخدام الأصول الليبية المجمدة عام 2011 لتعويض الضحايا. إلا أن الحكومات المتعاقبة، بما فيها حكومة حزب العمال الحالية، رفضت القيام بذلك، بحجة أنه سيُخالف القانون الدولي.
مفاوضات مباشرة مع ليبيا
وذكر التقرير أن من المقرر أن يناقش مجلس اللوردات في الأول من مايو القادم طلب أحد البارونات من الحكومة ما إذا كانت ستنظر في استخدام الأصول الليبية المجمدة لتقديم تعويضات لضحايا الجيش الجمهوري الأيرلندي.
وأشار التقرير إلى أن ضحايا هجمات الجيش الجمهوري الأيرلندي المؤقت وعائلاتهم لسنوات عديدة، ناضلوا سنوات من أجل الحصول على دعم مالي وتعويضات، لافتا إلى أن ذلك شمل دعواتٍ للحكومة للدخول في مفاوضات مباشرة مع السلطات الليبية للتوصل إلى اتفاق، واستخدام الأصول الليبية المجمدة عام 2011 لتعويض الضحايا.
وبحسب التقرير، فإن لجنة شؤون أيرلندا الشمالية في مجلس العموم أجرت تحقيقًا عام 2015 حول دور الحكومة البريطانية في المطالبة بتعويضات لضحايا هجمات الجيش الجمهوري الأيرلندي المؤقت التي رعتها ليبيا. ونشرت اللجنة تقريرها الأولي عام 2017 وتقريرًا للمتابعة عام 2019.
تعويضات متواضعة
ووجدت اللجنة أن الناجين وعائلات ضحايا الهجمات تلقوا دعمًا محدودًا من حكومة المملكة المتحدة، إلا أن المبالغ الموزعة كانت “متواضعة”، مشيرة إلى أن ضحايا هجمات مماثلة في دول أخرى قد حصلوا على تعويضات من خلال مفاوضات تقودها الحكومات.
ودعت اللجنة في كلا تقريريها، بحسب التقرير، الحكومة آنذاك إلى بدء مفاوضات مباشرة مع الحكومة الليبية للاتفاق على حزمة تعويضات لضحايا المملكة المتحدة.
وفي عام 2017، قالت اللجنة إنه على الرغم من وجود ما يقرب من 9.5 مليار جنيه إسترليني من الأصول الليبية المجمدة في المملكة المتحدة، إلا أنها تعتقد أنه من الأفضل أن توافق السلطات الليبية طواعية على حزمة تعويضات.
تجاهل وتقاعس حكومي
في تقرير المتابعة لعام 2019، أعربت لجنة شؤون أيرلندا الشمالية في مجلس العموم عن خيبة أملها إزاء “تقاعس الحكومة المستمر”، وقالت إن موقف الحكومة القائل بعدم مسؤوليتها عن تأمين تعويضات للضحايا، وضرورة متابعتهم قضاياهم لدى السلطات الليبية بشكل فردي “غير مقبول”.
كما جادلت اللجنة بأن موقف الحكومة تجاهل “واقع الوضع السياسي الراهن في ليبيا، وترتيبات الحكم الفوضوية وغير المستقرة”، مؤكدة أن الوقت قد نفد بالفعل بالنسبة للعديد من الضحايا، وأن على الحكومة “الدخول الآن في مفاوضات مباشرة مع السلطات الليبية سعيًا للتوصل إلى اتفاق تعويض في أقرب وقت ممكن”.
فيما يتعلق بمسألة الأصول الليبية المجمدة، أشارت اللجنة إلى ضرورة إصدار الحكومة معلومات واضحة عن الوضع الضريبي للأصول الليبية المجمدة والضرائب المحصلة منها، داعية الحكومة إلى توضيح ما إذا كانت قد نُظر في دعوى لتعويض الضحايا.
التعويضات مسؤولية ليبية
كما أشارت اللجنة إلى ضرورة إتاحة المعلومات المتعلقة بالتراخيص الصادرة للوصول إلى الأصول الليبية المجمدة للجمهور، وإخطار مجلس العموم عند إصدارها، مشددة على ضرورة دراسة الحكومة بعناية قرارات إصدار التراخيص مستقبلًا عند ارتباطها بتعويض الضحايا.
ولفت التقرير إلى أنه منذ عام 2015، صرحت الحكومات المحافظة المتعاقبة بأن من مسؤولية الحكومة الليبية تقديم تعويضات لضحايا الجيش الجمهوري الأيرلندي الذي رعته ليبيا، ولهذا السبب لن تمول أي مخطط باستخدام الأموال العامة.
كما صرحوا أيضًا أنه بموجب القانون الدولي لا يمكنهم استخدام الأصول الليبية المجمدة في عام 2011 لتمويل التعويضات.
وفي عام 2021، قالت الحكومة آنذاك إنها حثت السلطات الليبية مرارًا وتكرارًا، بما في ذلك على أعلى مستوى في الحكومة الليبية، على التواصل مع ضحايا المملكة المتحدة وممثليهم لمعالجة مطالباتهم بالتعويض. وقالت إنها ستواصل القيام بذلك.
وردا على سؤال وجه للحكومة البريطانية في أكتوبر من العام 2024، حول ما إذا كانت قد أجرت مناقشات حديثة مع نظرائها الليبيين بشأن تقديم تعويضات لضحايا الجيش الجمهوري الأيرلندي وعائلاتهم. قال وكيل وزارة الدولة البرلماني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا “هاميش فالكونر” إن مسؤولية تقديم التعويضات تقع على عاتق الحكومة الليبية.
وأكد ” فالكونر” أنه لا يجوز لحكومة المملكة المتحدة استخدام الأصول الليبية المجمدة بشكل قانوني لتقديم تعويضات للضحايا، لأن ذلك يُعدّ انتهاكًا للقانون الدولي والتزاماتنا كأعضاء في الأمم المتحدة. وسنواصل مطالبة السلطات الليبية بتحمل المسؤولية التاريخية للدولة الليبية عن دعم نظام القذافي للجيش الجمهوري الأيرلندي.